وطنية

أزيد من 660 مليون درهم لتأهيل التعليم وتعميم التمدرس بجهة سوس ماسة

زووم نيوز – امين الناجي

تشهد جهة سوس ماسة طفرة نوعية في الاستثمار في قطاع التعليم والتكوين، ضمن رؤية وطنية تهدف إلى تحقيق العدالة المجالية وتحسين جودة التعلم.

فحسب مذكرة التوزيع الجهوي للاستثمار العمومي لسنة 2026، بلغت قيمة الاعتمادات الموجهة للتربية والتكوين أكثر من 660 مليون درهم خلال الفترة 2024 – 2028، في إطار مشروع جهوي يجعل التعليم قاطرة للتنمية البشرية والاقتصادية

هذه الأرقام تعكس إرادة واضحة لجعل التعليم في سوس ماسة قاطرة التنمية البشرية، خاصة في المناطق القروية والجبلية التي ظلت لعقود تعاني من ضعف التجهيزات وصعوبة الولوج إلى المؤسسات.

ووفق المعطيات الرسمية الواردة في مذكرة التوزيع الجهوي للاستثمار، تمت برمجة بناء 27 مؤسسة تعليمية جديدة (ابتدائية، إعدادية، وثانوية) بكلفة إجمالية تصل إلى 269 مليون درهم.

هذه المؤسسات ستُحدث أساسًا في الأقاليم ذات الكثافة السكانية المتزايدة، خاصة تارودانت واشتوكة آيت باها، لتخفيف الضغط على المؤسسات القائمة ومحاربة الاكتظاظ.

كما رُصد غلاف مالي قدره 188.2 مليون درهم لبرنامج تأهيل المؤسسات التعليمية، ويشمل إعادة تهيئة الأقسام، إصلاح المرافق الصحية، تحسين الإنارة والتجهيزات الرقمية، وتأمين محيط المدارس من أخطار الطريق والانقطاع المدرسي.

وفي سياق تنزيل الرؤية الاستراتيجية للتربية 2030، خصصت الجهة مبلغ 62.4 مليون درهم لبرنامج تعميم التعليم الأولي عبر بناء وتجهيز 196 حجرة دراسية مخصصة للأطفال ما قبل سن التمدرس.

ويُرتقب أن يغطي هذا البرنامج جميع الجماعات القروية بأقاليم سوس ماسة الستة، مع أولوية للمناطق الجبلية والنائية.

وتعتبر هذه الخطوة تحولًا جوهريًا في السياسات التربوية، إذ ستمكّن من الرفع من نسب التمدرس المبكر، وتوفير بيئة تعليمية منصفة بين المجالين الحضري والقروي.

ويواكب قطاع التكوين المهني هذا الحرك التنموي، من خلال برامج مشتركة بين الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل (OFPPT)، لتأهيل الشباب في تخصصات موجهة نحو حاجيات الجهة:

الفلاحة العصرية، السياحة، اللوجستيك، الصناعات الغذائية، والمهن الرقمية.

حيث تمت برمجة مشاريع لتوسعة مؤسسات التكوين في أكادير وإنزكان وآيت ملول، مع خلق مراكز جديدة للتأهيل في المناطق الداخلية بميزانية تفوق 140 مليون درهم مبرمجة على مدى ثلاث سنوات (2026–2028).

فلا تُقاس أهمية هذه الأرقام بالجانب المالي فقط، بل بالأثر المنتظر منها على المدى المتوسط بأزيد من 40 مؤسسة تعليمية جديدة أو مهيأة بحلول 2028، وحوالي 18 ألف تلميذ وتلميذة مستفيدون من التعليم الأولي، مع توفير 1.200 منصب عمل مباشر وغير مباشر في مجال التعليم والبناء والتدبير، وتحسين مؤشرات محاربة الهدر المدرسي بنسبة 15% خلال أربع سنوات.

هذه المؤشرات تجعل التعليم في سوس ماسة رهانًا استراتيجيًا، ليس فقط في بعده الاجتماعي، بل كأداة لرفع التنافسية الجهوية في سوق الشغل.

تعمل الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين على تقليص الفوارق المجالية عبر تعميم البنيات التحتية على كل الأقاليم.

ففي الوقت الذي تستفيد فيه أكادير وإنزكان من مشاريع رقمية وتجهيزات حديثة، تُوجّه استثمارات نوعية إلى أقاليم طاطا وتارودانت وتزنيت لضمان حد أدنى من العدالة في الولوج إلى التعليم الجيد.

وقد تم تخصيص 31.2 مليون درهم ضمن ميزانية 2026 فقط لمواصلة تعميم التعليم الأولي في المناطق الجبلية وتوسيع النقل المدرسي لفائدة العالم القروي.

 

وتسير جهة سوس ماسة وفق مقاربة تزاوج بين البنية التحتية الحديثة والتحول البيداغوجي الرقمي.

فالمدرسة الجديدة لا تقتصر على الجدران والمقاعد، بل تُبنى على مناهج تكوين متطورة تُهيئ الأجيال القادمة لاقتصادٍ يقوم على المعرفة والابتكار.

هذه الرؤية تجعل من التعليم في سوس ماسة استثمارًا استراتيجيًا طويل الأمد، يوازي في أهميته المشاريع المائية والفلاحية الكبرى.

برصيد استثماري يفوق 660 مليون درهم خلال الثلاث سنوات المقبلة، تتحول جهة سوس ماسة إلى ورشة مفتوحة لبناء مدرسة الغد.

إنها مدرسة العدالة والكرامة، حيث لا فرق بين تلميذ من أكادير وآخر من طاطا، ولا بين مدرسة حضرية وأخرى جبلية.

هكذا تكتب الجهة فصلاً جديدًا في مسار التنمية المتوازنة التي تضع العقل قبل البنيان، والإنسان قبل الأرقام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى