
في دورة مجلس جماعة أكادير الأخيرة، عاد ملف احتلال الملك العمومي وانتشار الباعة المتجولين إلى الواجهة، هذه المرة بتصريحات قوية من كاتب المجلس، خالد القايدي، الذي لم يتردد في توجيه انتقادات مباشرة إلى بعض رجال السلطة المحلية حول تقاعسهم عن مواجهة هذه الظاهرة المتفاقمة.

خالد القايدي أبرز أن حي السلام يعيش حالة “فوضى شبه يومية”، حيث الأرصفة والممرات محتلة من قبل الباعة المتجولين، ما أدى إلى شلل جزئي لحركة المرور وتعطيل حياة السكان اليومية. وأشار إلى أن المجلس سبق أن وجه عدة مراسلات للسلطات المحلية لمتابعة مدى التزام المحلات التجارية والمقاهي بالقوانين المنظمة لاستغلال الملك العمومي، لكن الإجراءات الميدانية لم تكن فعّالة، حسب قوله.
القايدي أوضح أن الحملات التي تُعلن من حين لآخر لتحرير الفضاءات العمومية غالبًا ما تكون موسمية ومؤقتة، وتقتصر على الرد على الانتقادات، قبل أن تعود الأسواق العشوائية والباعة المتجولون لاحتلال الأرصفة مرة أخرى، خصوصًا في حي السلام الذي أصبح نموذجًا صارخًا للفوضى.
وأضاف أن ضعف المراقبة الميدانية وغياب حملات السلطات المحلية عن الحي المذكور سمح بتنامي الظاهرة، وأن بعض الأطراف تستفيد بشكل غير قانوني من فرض إتاوات على الباعة مقابل السماح لهم بالاستمرار في احتلال الأرصفة..

المواطنون من جهتهم يواجهون يوميًا اختناقات مرورية، صعوبة في التنقل على الأرصفة، وتراكم النفايات في الأزقة، ما جعلهم يرفعون شكايات متكررة إلى والي جهة سوس ماسة ورئيس المجلس الجماعي، مطالبين بوضع حد للفوضى واستعادة النظام في حي السلام أولًا قبل باقي أحياء المدينة.

اللافت أن استفحال الظاهرة يتناقض مع الصورة التي تحاول أكادير تسويقها كمدينة حديثة تشهد مشاريع تأهيل كبرى ضمن برنامج التنمية الحضرية. فكيف لمدينة تراهن على جاذبيتها السياحية أن تسمح بانتشار الأسواق العشوائية في قلب أحيائها؟ وكيف يمكن الحديث عن “التحول الحضري” في ظل غياب احترام القانون في أبسط مظاهره؟
إن معالجة هذا الملف لا تتطلب قرارات ظرفية أو حملات إعلامية، بل رؤية واضحة وإرادة سياسية حقيقية توازن بين الحق في العيش الكريم للباعة المتجولين والحق في فضاء حضري منظم وآمن للمواطنين.
أكادير اليوم أمام مفترق طرق: إما أن تواجه فوضى احتلال الملك العمومي بصرامة وشجاعة، أو تتركها تستفحل لتقوّض ما تحقق من جهود التنمية والتأهيل. فالمدينة لا يمكن أن تبني مستقبلها على أرصفة محتلة وطرقات مشلولة.




