فلاحون مغاربة في موريتانيا بين تحديات التصدير وآفاق التعاون الاقتصادي

نقل عدد من الفلاحين المغاربة استثماراتهم الفلاحية إلى الأراضي الموريتانية خلال السنوات الأخيرة، بحثاً عن وفرة المياه والقدرة على توسيع النشاط الزراعي في بيئة طبيعية واعدة. غير أن هذه التجربة، التي عُوّل عليها لتصبح رافعة للتعاون المغاربي في المجال الفلاحي، تصطدم اليوم بعقبة جوهرية: غياب منظومة لوجستية متطورة قادرة على مواكبة حاجيات التصدير إلى الأسواق الخارجية، وفي مقدمتها السوق الأوروبية.
الفلاحون المغاربة يؤكدون أن ضعف الموانئ المجهزة، ونقص البنية التحتية للطرق وسلاسل التبريد، يجعل عملية التصدير مكلفة وبطيئة، وهو ما يقلص تنافسية منتجاتهم مقارنة بدول متوسطية أخرى. هذا الوضع، حسبهم، يحد من هامش الأرباح ويجعل فرص توسيع الاستثمارات رهينة بمدى تجاوب السلطات الموريتانية مع حاجيات القطاع.
يتجاوز هذا الملف البعد الفلاحي ليطرح سؤالاً أوسع حول مستقبل التعاون الاقتصادي بين المغرب وموريتانيا. فبينما يرى خبراء أن انفتاح المستثمرين المغاربة على الأراضي الموريتانية يمثل فرصة لتقوية التكامل الاقتصادي بين البلدين، يعتبر آخرون أن غياب رؤية مشتركة لتطوير اللوجستيك البحري والبري يعطل هذه الدينامية.
وفي ظل تزايد التنافس على السوق الأوروبية للمنتجات الزراعية، قد يشكل هذا التحدي عاملاً حاسماً في تحديد موقع المغرب وموريتانيا ضمن سلاسل القيمة العالمية.
رغم هذه الصعوبات، تبقى فرص التعاون قائمة، خاصة إذا ما تم الاستثمار في مشاريع بنى تحتية مشتركة، مثل موانئ للتصدير الزراعي أو مناطق لوجستية عابرة للحدود. مثل هذه الخطوات لن تساهم فقط في دعم الاستثمارات الفلاحية المغربية بموريتانيا، بل ستعزز أيضاً من حضور البلدين كفاعلَين إقليميين قادرَين على توفير الأمن الغذائي وتلبية الطلب الأوروبي المتزايد على المنتجات الفلاحية الطازجة.
إن تجربة الفلاحين المغاربة بموريتانيا تكشف عن الإمكانات الواعدة للشراكة بين البلدين، لكنها في الوقت ذاته تسلط الضوء على هشاشة البنية التحتية اللوجستية في المنطقة. معالجة هذه التحديات لا تتطلب حلولاً تقنية فقط، بل رؤية استراتيجية مشتركة تجعل من التعاون الفلاحي رافعة اقتصادية ودبلوماسية حقيقية تعود بالنفع على الجانبين.




