قانون 25/26: هل يُراد قتل ما تبقّى من حرية الصحافة بالمغرب؟

زووم نيوز – امين الناجي
لم يعد الجدل حول مشروع القانون رقم 25/26 مجرّد نقاش تقني داخل لجان البرلمان، بل تحوّل إلى مواجهة مفتوحة بين الحكومة والهيئات النقابية والمهنية التي تمثل الصحافيين والناشرين، البلاغ الصادر يوم 16 شتنبر 2025 عن النقابة الوطنية للصحافة المغربية والفيدرالية المغربية لناشري الصحف، ومعها تكتلات نقابية وحقوقية أخرى، لم يترك مجالًا للتأويل: هناك “مشروع لتفكيك المجلس الوطني للصحافة” وتجريده من الاستقلالية، مقابل تمريره بطريقة وُصفت بأنها “غامضة وغير محسوبة العواقب”.
الحكومة تقول إنها بصدد “إعادة تنظيم” المجلس الوطني للصحافة، لكن النقابات تقرأ النص من زاوية مغايرة: المشروع ليس إصلاحًا بل تفخيخًا للقطاع، حيث يتم تهميش الصحافيين وممثليهم، وإفراغ المجلس من طابعه الديمقراطي التعددي ليصبح مجرد أداة بيد السلطة التنفيذية. وهنا يطرح السؤال الكبير: هل يُراد تحويل مؤسسة وُلدت أساسًا لضمان حرية واستقلالية الصحافة إلى جهاز إداري تابع للوزارة الوصية؟
لغة البلاغ لم تخلُ من نبرة تصعيدية، إذ حذّر الموقعون من أن تمرير القانون بصيغته الحالية قد يدفع البلاد نحو “توترات اجتماعية تقودنا إلى مجهول”. عبارة ثقيلة ومقصودة، تختزل حجم المخاوف من عودة مناخ التضييق على الصحافيين، ونسف كل المكتسبات التي انتُزعت بعد سنوات من النضال.
النقابات تُحمّل الحكومة مسؤولية كل ما قد يترتب على تمرير هذا المشروع: من تبعات سياسية تهدد صورة المغرب الحقوقية، إلى تداعيات مهنية تُضعف الجسم الإعلامي وتكرّس هشاشته. والأخطر من ذلك، هو ما تعتبره “إقصاءً” متعمّدًا للحوار الاجتماعي الثلاثي (الحكومة – الناشرون – الصحافيون) وتعويضه بقرارات أحادية الجانب.
الهيئات النقابية أعلنت بوضوح أنها تستعد لـ برنامج احتجاجي وطني وجهوي، في خطوة غير مسبوقة منذ تأسيس المجلس الوطني للصحافة. هذا يعني أن الشارع والإضرابات قد يكونان ساحة المواجهة المقبلة، ما يهدد بمزيد من التصدعات داخل قطاع يعاني أصلًا من أزمات التمويل والمصداقية.
القانون 25/26 ليس مجرد نص تنظيمي عابر، بل قد يشكل منعطفًا خطيرًا في علاقة الدولة بالصحافة. فإذا مرّ بصيغته الحالية، فسيُنظر إليه كأكبر تراجع عن استقلالية الصحافة منذ سنوات. أما إذا تم سحبه وإعادته لطاولة التفاوض، فقد يفتح الباب أمام إصلاح حقيقي قائم على التعددية والشفافية.
السؤال الذي يفرض نفسه: هل الحكومة بصدد بناء مؤسسات قوية أم بصدد إعادة تدجين الصحافة في زمن يُفترض أن تكون فيه أكثر استقلالية من أي وقت مضى؟




